بروتوكولات الأدعياء





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فقد طلب مني بعض الأخوة الكرام أن أكتب مقالة أوضح فيها طُرق أدعياء النسب في ترويج أنسابهم الباطلة ، فأقول وبالله التوفيق :

أدعياء النسَّب لهم طُرق ودهاليز ماكرة ، تدل على خُبث طباعهم ، وكما قالت العرب : ( الأخلاق بوصلة الأنساب ) فالأدعياء من أبعد الناس عن الأخلاق الحميدة  ، فهم أهل عقوق وكذب وفجور ، فمن انسلخ من نسبه وأدَّعى نسباً آخر لا تنتظر منه أن تكون أخلاقه كريمة فلو كان كذلك لما تبرئ من أبيه وانسلخ منه  .
وليس الجاهل كالدَّعي ، لأن الجاهل قد ينتسب لقبيلة ليس هو منها عن جهل ، ولا يعلم كلام العلماء في بطلان انتسابه بخلاف الدَّعي فهو يعلم كلام العلماء وقرأ وعرف الصواب لكنه أصَّرَ على دعواه وأفسد ونشر فساده وشره ، ومعاملة أهل النسب للجاهل تختلف عن معاملتهم للدَّعي المُصّر ، فالجاهل يُبين له وإن أصر على دعواه ألحق بـ ( الأدعياء ) .

ففي هذه المقالة بينت فيها طُرق الأدعياء لترويج أنسابهم الباطلة وأساليبهم الخبيثة الدالة على خُبث الطباع :

الكذب :
قال أحمد أبو بكرة الترباني : وهذه الصفة من خصائص الأدعياء وعليها تقوم دعواهم .

زراعة شهرة لأنسابهم في " الشبكة العنكبوتية " :
قال أحمد أبو بكرة الترباني : يعلم الأدعياء بجفاف كتب النسب من ذكرهم فيذهبوا لزراعة شهرة لأنسابهم عبر " الشبكة العنكبوتية " في المواقع التي تهتم بالأنساب .

تصيد أهل النسب ممن عُرفوا بالتساهل في قبول الأنساب :

قال أحمد أبو بكرة الترباني : يجفلُ الأدعياء من أهل الضبط والتحقيق من علماء وطلاب علم الأنساب ويفرّوا منهم كما يفر الصحيح من السقيم ، فتجدهم يذهبون لمن عُرف بالتساهل ويروجوا له وينفخوه (!) من أجل قبول أنسابهم .

اللجوء لقضاة السوء :

 قال أحمد أبو بكرة الترباني :  جاء في ( الروض العاطر ) حادثة ( تاج الدين بن عين المُلك ) : ( اختلق له نسبة وأوصلها على بعض قضاة السوء ينتسب فيها إلى أبي أيوب الأنصاري ، وسافر بها إلى بلاد اصطنبول ليتصيد بها المناصب فلم ينجح ... )[1] .
فأنظر ـ رعاك الله ـ كيف استغل هذا الدَّعي قضاة السوء ليرفعوا نسبه للنسب الأنصاري (!) مع أن الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري انقرض عقبه كما بين ذلك ابن سعد في ( طبقاته ) (3/173 ).

اللجوء لتُجار الأنساب وأهل التزوير والجهلة في أنساب الناس :

 قال أحمد أبو بكرة الترباني : يلجأ الأدعياء لترويج أنسابهم إلى تُجار الأنساب وأهل التزوير والجهل  ، فتجد أن هؤلاء التُجًّار يرسموا المشجرات ( !! ) ويُذيلوها بالأختام مقابل الدراهم (!! ) وما أكثر هذا الصِّنف اليوم  ومنهم لا على سبيل الحصر : ( الشويكي وأنس الكتبي وفتحي سلطان ... إلخ ) وهؤلاء أهل تزوير وجهل ولا لُحمة لهم بالنسب العلوي أصلاً  .

  الاعتماد على الأقوال الموهمة والمُغمغة والمجملة :

 قال أحمد أبو بكرة الترباني :  يستشهد الدَّعي على ثبوت نسبه بأقوال موهمة ومغمغمة ليدعم فيها كذبه ، ومثال ذلك من الأقوال الموهمة والمغمغمة : ( ومن ولده العدد !! ) و ( انتشر عقبه في هذه الديار !! ) وغيرها من الأقوال الموهمة والتي لا تُجبر فيها الأنساب لعدم صراحتها في هذا البيت المُنتسب ، فهذه الأقوال موهمة ومجملة لا تثبت لهم نسباً .

الاعتماد على صِيغ التمريض وصيغة التبري في النصوص النسبية :

قال أحمد أبو بكرة الترباني : يتعلق الأدعياء ببعض النصوص النسبية التي جاء فيها : ( قيل أنهم من البيت الحسني ! ) و ( يُقال أنهم من البيت الحسيني ! ) و ( قالوا أنهم من قريش ! ) و ( يقولون أنهم من قريش ) فهذه الصيغ لا ترفع نسباً ولا تجبره لأنها جاءت بصيغة = ( التمريض والتبري ) فـ ( قيل ويقال ) لا تبني نسبا و ( قالوا ويقولون ) صيغة تبري تصدر من النسابة وليس قوله واعتقاده في هذا البيت وإنما استعمل فيهم صيغة التبري = ( قالوا ، يقولون ) فيأتي الأدعياء على هذه الصَّيغ ويحملوها ما لم تحتمل ويجعلوها رأي واعتقاد المؤرخ والنسابة الذي ذكرها (!) فالنسابة إذا تكلم على قبيلة أو عشيرة واستعمل ( قالوا و يقولون ) ليس هذا قوله في نسبهم ولا اعتقاده فيهم وإنما نقل قولهم في نسبهم بصيغة التبري منه .
ولضعف الأدعياء تعلقهم بهذه الصِّيغ لافتقارهم من النصوص الصريحة والواضحة ، فوجدوا هذه منفس لهم وترقيعاً لدعواهم الباطلة .

 6ـ الاعتماد على ( وثائق البيع والشراء ) :

 قال أحمد أبو بكرة الترباني : عُرفت المحاكم الشرعية أبان الدولة العثمانية بتساهلها المُفرط في الأنساب الشريفة ، لأن هذه الوثائق ـ البيع والشراء ـ يدخلها التساهل ، ومثاله : ( اشترى الحسيب الشريف فلان بن فلان ) فهذه الوثائق تُقبل بشرط إذا وجدت الأقوال العلمية في ثبوت هذا النسب ، أما إذا توفر ( الناقض العلمي وانعدام الأقوال العلمية ) واستشهد بهذه الوثائق فقط (!) فلا تثبت له نسباً ، قال الزرقاني المالكي في ( شرحه على مختصر الخليل ): ( ولو ترك القاضي تسجيل زعمت أو زعم وكتب واشترى فلان بن فلان أو فلان الشريف سلعة كذا مثلاً ، فلا يثبت به نسب ولا شرفه عندنا حيث كان مجهولا )[2] .
وهذا النوع كثير اليوم ، نجد قبائل وعشائر تكلم فيها العلماء وبينوا أنسابها وأنها قحطانية ، فيخرج لنا بعض الأدعياء منهم ويستدل بوثيقة ( بيع وشراء ) من المحاكم الشرعية في ( غزة أو القدس أو دمشق أو القاهرة ) فيها : ( اشترى السيد أو الشريف فلان بن فلان ) فهذه الوثيقة شهادة شراء فقط وليست بشهادة نسب لأن نسب هذا الرجل قد عُرف وبينه العلماء فلا تثبت هذه الوثيقة نسبه ، وإنما تقبل إذا توفرت النصوص العلمية القديمة في ثبوت هذا النسب وتصبح هذه الوثيقة قرينة لصحة النسب وغير ذلك لا تُقبل ؛ لأن هذه الوثائق والشهادات ليست بشهادة نسب وإنما هي بيع وشراء  وكما قال العلامة السبكي في ( الفتاوى ) : ( فإذا رأينا مكتوباً ليس مقصوده إثبات النسب لم نحمله على إثبات النسب ، ولا يجوز التعلق به في إثباته إذا كان المقصود به غيره )[3]  .
والمقصود من هذه الوثائق والشهادات اثبات = ( بيع وشراء ) وليست مشاهد نسبية .  

6 ـ ركون الأدعياء لنشر الإشاعات والتهم :

قال أحمد أبو بكرة الترباني :  يعتمد الأدعياء على نشر الأكاذيب والتُهم حول أهل النسب الثقات للتنفير منهم ، بل يطعنوا في أنسابهم وأعراضهم ، وهذا مشاهد ، فإنك لو تكلمت على انساب الأدعياء بعلم وحجة ، تجد الأكاذيب تشاع عليك من قبلهم حتى لا ينتشر قولك فيهم (!) بل تجدهم يركنوا إلى اختلاق المقالات والبيانات المكذوبة في ذم القبائل العربية ونسبته إليك من أجل تنفير الناس من قولك وهذه الأساليب الشيطانية لا تجدها إلا عند الأدعياء لسوء معادنهم وخُبثها ، فثق أن الكذب والغِش لا يطول فالحق أبلج .

7ـ  تصيد الأدعياء للخلافات القائمة بين أهل النسب

قال أحمد أبو بكرة الترباني : يتربص الأدعياء الفُرص للإطاحة بأهل النسب وذلك باستغلال خلافاتهم مع بعضهم البعض ، فإذا اختلف نسابة مع نسابة آخر في مسألة علمية يهرع الأدعياء لشحن أحدهم على الآخر ويحاولوا إشعال الخلاف بقوة لأن هدفهم إسقاط هؤلاء .

8ـ  الإسقاط النفسي عند الأدعياء :
 قال أحمد أبو بكرة الترباني : عُرفت أخلاق الأدعياء عند الكثير من الناس بأنهم : ( فجرة و كذبة ) فتجد الأدعياء يسقطوا هذه الأخلاق المُتغلغة بعروقهم في غيرهم ويزعموا أن علماء النسب أهل تزوير وكذب .... الخ ، وهذه الأخلاق السيئة فيهم ويحاولوا إلصاقها بأهل النسب للتنفير .

وختاماً : هذه الطُرق الخبيثة من أهم طُرق الأدعياء الكذبة وأنتنها ، فعلى طالب العلم والعوام أن يكونوا على بيان من أفعال هؤلاء الفجرة ممن جعلوا مخافة الله خلف ظهورهم .

وكتبه :
أحمد بن سليمان بن صباح أبو بكرة الترباني
16/ رمضان / 1437هـ





[1] ـ  نقلاً من كتاب ( تاريخ الشام في مطلع العهد العثماني ) ( ص 228 ) .
[2] ـ  ( 7/ 342 ) نقلاً من رسالة النسابة الشريف إبراهيم الهاشمي الأمير في رده على كذاب عصره الدَّعي " علاء ديروان الجلبي الدمشقي ) .
[3] ـ ( الفتاوى ) ( 2/460 ) نقلاً من رسالة حبيبنا النسابة إبراهيم الهاشمي الأمير " وقفة مع القول المشهور الناس مؤتمنون على أنسابهم " .